أخبار وتقارير

“لا” بريطانية تزعزع التحالف الغربي لضرب سوريا

يمنات – الخليج
تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف لا يحسد عليه، بعدما انفضت معظم الدول الحليفة من حولها وخصوصاً بريطانيا، باستثناء فرنسا وتركيا في توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا بمعزل عن قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي، حيث توقع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن تتم قبل يوم الأربعاء لأنها غير مرتبطة بموعد انعقاد الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) التي تنعقد ذلك اليوم، ودعا رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان إلى عدم الاكتفاء بضربة عسكرية إنما “إلى اسقاط النظام”، وفيما تحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن “تحرك محدود في سوريا وليس إلى حرب” حاول وزير خارجيته جون كيري تسويق الموقف الأمريكي بالحديث عن معلومات مؤكدة لاستخدام النظام السوري أسلحة كيميائية، مؤكداً أن بلاده “لن تكرر تجربة العراق في ما يتعلق بتقارير المخابرات، كما لن تكرر تجربة العراق لأفغانستان وليبيا، لأن تدخلنا لن يكون مفتوحاً، وتحدث عن مناقشة “الضربة العسكرية” مع المواطنين الأمريكيين من خلال الكونغرس .
وقد أفاد تقرير للاستخبارات الأمريكية نشر أمس، أنه يمكن “بقدر عال من الثقة” تحميل النظام السوري مسؤولية الهجوم الكيميائي في 21 أغسطس/ آب في غوطة دمشق الشرقية، لافتا إلى أنه أسفر عن 1429 قتيلاً على الأقل بينهم 426 طفلاً، وتزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن العملية العسكرية المحتملة ستكون “محددة الهدف”، وتأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن استخدام الكيميائي يهدد الأمن القومي لبلاده وحلفائها في المنطقة كالأردن و”إسرائيل”، وأنه يبحث توجيه ضربة عسكرية للنظام، من خلال مشاورات مع الحلفاء والكونغرس، وتفضيله تحركاً جماعياً، وتشديده على أن بلاده لن تدخل في معركة برية في أي حال من الأحوال .
وأورد التقرير الاستخباري أن “الولايات المتحدة تخلص بقدر عال من الثقة إلى أن الحكومة السورية ارتكبت هجوما بواسطة أسلحة كيميائية في ضواحي دمشق”، وأضاف “نخلص أيضا إلى أن النظام استخدم غاز الأعصاب”، ورفض الفرضية التي ساقتها دمشق وروسيا عبر اتهام مقاتلي المعارضة بشن الهجوم، ورأى أن هذا السيناريو “مستبعد في شكل كبير” .
وقدم كيري مبررات لعمل عسكري محدود، وقال إنه لا يمكن أن تفلت دمشق من العقاب على “جريمة ضد الإنسانية”، وأكد أن أي خطوة ستكون معدة بإحكام، ولن تشبه بأي حال غزو أفغانستان والعراق أو تدخل واشنطن للمساعدة على إطاحة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وأضاف أن “أجهزة استخباراتنا أجرت تقييماً متأنياً وإعادة تقييم للمعلومات المتعلقة بهذا الهجوم، لن نكرر ما حصل” في العراق .
وأيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تدخلا دوليا، ودعا إلى تشكيل تحالف دولي من دون تفويض من الأمم المتحدة في حالة الضرورة، وبسؤاله عن رفض البرلمان البريطاني دعم العمل العسكري، قال إن “كل دولة ذات سيادة ويمكن أن تختار”، ورداً على سؤال عن هدف التدخل، قال إنه “لا يؤيد تدخلا دوليا يهدف إلى تحرير سوريا أو إطاحة الدكتاتور، لكنني أعتقد انه يجب وقف نظام يرتكب ضد شعبه ما لا يغتفر”، ولم يستبعد توجيه ضربات جوية قبل الأربعاء، حين تعقد فيه الجمعية الوطنية اجتماعاً لمناقشة الموضوع.
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى تشكيل “تحالف دولي موحد”، وقال إن واشنطن تحترم قرار البرلمان البريطاني الذي رفض ب285 صوتاً مقابل 272 مذكرة قدمها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تدافع عن مبدأ تدخل عسكري، فيما أكد كاميرون أنه سيسعى ل “رد قوي”، وقال إنه ليس مضطراً إلى “الاعتذار” من أوباما، على خلفية ما أسفر عنه التصويت في مجلس العموم .
وأجرى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مساء أمس اتصالاً هاتفياً بالرئيس الأمريكي واتفقا على استمرار التعاون بشأن القضايا الدولية في المستقبل.
وأعلن مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أنه أخذ علماً برفض مجلس العموم البريطاني، وصرح وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز بأنه مطمئن، وقال إن “موقف البرلمان البريطاني مطابق لموقف الحكومة البلجيكية”، واعترف ليناس لينكيفيسيوس وزير خارجية ليتوانيا التي تترأس الاتحاد بأنه “لا يوجد موقف مشترك لكننا نتشاور باستمرار” .
وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن أن استخدام النظام السوري المفترض للأسلحة الكيميائية يتطلب رداً، لكنه استبعد مشاركة مباشرة للحلف، وأعلنت الخارجية الإيطالية عن توافق إيطالي فرنسي حول ضرورة التوصل إلى حل سياسي، فيما حذر المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري اوشاكوف من أن “التحركات التي تتجاوز مجلس الأمن الدولي، إذا تمت، ستشكل مساساً خطيراً بالنظام القائم على الدور المركزي للأمم المتحدة وضربة خطيرة للنظام العالمي”، وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن “روسيا ضد أي قرار في مجلس الأمن الدولي قد يتضمن خيار استعمال القوة”، وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إن بلاده لن تشارك في ضربة عسكرية دولية، ورفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاكتفاد بعملية عسكرية محدودة، معتبراً أن أي تدخل ينبغي أن يهدف إلى اسقاط النظام السوري، فيما قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إنه ما من شك في أن النظام السوري هو المسؤول عن الهجوم، وحض المجتمع الدولي على “أن يبدأ منذ الآن مبادرة تضع حداً للحرب”، وأسف للتباطؤ في الضربة العسكرية .
في غضون ذلك اختتم فريق المفتشين الأمميين المختص بالتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي عمله في دمشق، بزيارة مستشفى عسكري، وذكرت الأمم المتحدة أن الفريق جمع خلال تحقيقاته عينات وشهادات سيجري تحليلها ومن ثم إصدار تقرير بشأنها . وأشارت إلى أن الفريق سيعود في وقت قريب إلى سوريا للنظر في مزاعم اضافية باستخدام الأسلحة الكيميائية .

زر الذهاب إلى الأعلى